recent
أخبار ساخنة

# مراجعة وتحليل: كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة» لأنطوان شلحت

الصفحة الرئيسية

 

# مراجعة وتحليل: كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة» لأنطوان شلحت

 

## قراءة في الصيرورة الإسرائيلية: صعود اليمين والتهديد الوجودي

 

في خضمّ التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وفي ظلّ تصاعد النزعة القومية والدينية المتطرفة داخل الكيان الإسرائيلي، يأتي كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة: فصول في المستجدّ الإسرائيلي» للكاتب والمترجم الفلسطيني البارز أنطوان شلحت، ليقدم قراءة تحليلية عميقة وموثّقة للواقع الإسرائيلي المعاصر. صدر هذا العمل الهام حديثاً عن المكتبة الأهلية في عمّان – الأردن، ليشكّل مرجعاً أساسياً لفهم التحوّلات التي نقلت إسرائيل من حالة الإنكار التاريخي إلى التلويح العلني بتكرار النكبة.

في خضمّ التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وفي ظلّ تصاعد النزعة القومية والدينية المتطرفة داخل الكيان الإسرائيلي، يأتي كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة: فصول في المستجدّ الإسرائيلي» للكاتب والمترجم الفلسطيني البارز أنطوان شلحت، ليقدم قراءة تحليلية عميقة وموثّقة للواقع الإسرائيلي المعاصر. صدر هذا العمل الهام حديثاً عن المكتبة الأهلية في عمّان – الأردن، ليشكّل مرجعاً أساسياً لفهم التحوّلات التي نقلت إسرائيل من حالة الإنكار التاريخي إلى التلويح العلني بتكرار النكبة.
# مراجعة وتحليل: كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة» لأنطوان شلحت


# مراجعة وتحليل: كتاب «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة» لأنطوان شلحت

الكتاب، الذي يقع في 254 صفحة من القطع المتوسط، ليس مجرد تحليل ذاتي، بل هو حصيلة

 ترجمات دقيقة ومختارة لمجموعة من الدراسات والمقالات الإسرائيلية الداخلية، التي يكشف شلحت

 من خلالها عن آليات الصيرورة الحالية لدولة الاحتلال. يركّز شلحت على ثلاثة محاور مفصلية

 تتوزع على ثلاثة فصول رئيسية: تحديد هوية الدولة اليهودية منذ نشأتها، أسباب تلاشي معسكر

 اليسار الصهيوني، وتصاعد منسوب التهديد الوجودي للشعب الفلسطيني.

## تفاصيل الإصدار ومحتوى الكتاب

 

يُعدّ أنطوان شلحت، بخبرته الطويلة في رصد الإعلام والتحليل السياسي الإسرائيلي، دليلاً موثوقاً في تفكيك الخطاب الصهيوني المعاصر. ينطلق الكتاب من فرضية مفادها أن المستجدّ الإسرائيلي ليس طارئاً، بل هو تتويج لمسار أيديولوجي بدأ مع ثيودور هرتزل وتغذّى على ضعف المعارضة الداخلية، ليبلغ ذروته في التلويح الصريح بالتطهير العرقي.

 

يشمل الكتاب ثلاثة فصول رئيسية، تم تزويد كل منها بتقديم خاص من شلحت لوضع المواد المترجمة في سياقها التحليلي المناسب:

 

1.  **في غايات «الدولة اليهودية» منذ هرتزل.**

2.  **تلاشي «اليسار الصهيوني».**

3.  **تصاعد التهديد بنكبة جديدة.**

  

## الفصل الأول بين "دولة يهودية" و "دولة اليهود"

 

يكرّس الفصل الأول نقاشاً مركزياً حول الهوية المؤسِّسة لدولة إسرائيل. يتضمن هذا الفصل مقالتين إسرائيليتين تحاججان بأن الرؤية الأصلية لمؤسس الحركة الصهيونية، **ثيودور هرتزل**، كانت تهدف إلى إنشاء **«دولة يهودية»** (Jewish State) وليس مجرد **«دولة يهود»** (State of Jews).

 

###  هرتزل والقومية الدينية

 

 كما يشير شلحت، في تفنيد الرأي السائد لدى البعض ممن يفضّلون استخدام المصطلح الحيادي «دولة اليهود»، محاولين بذلك تلافي وصف إسرائيل بأنها دولة دينية أو قومية خالصة. يرى شلحت أن هذا التفضيل يوحي بأن إسرائيل دولة عادية يشكّل فيها اليهود الأغلبية فحسب، بينما تؤكد المقالات المترجمة أن الدلالات الأعمق للمصطلح الأول ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدمج الأيديولوجية الصهيونية بالديانة اليهودية كأداة للهيمنة والاستثناء.

 

### قانون القومية الإسرائيلي وتأكيد الهوية اليهودية

 

يأتي سَنّ **«قانون القومية الإسرائيلي»** في 19 يوليو (تموز) 2018 ليؤكد ويُرسّخ الرؤية التي يناقشها هذا الفصل. لقد حسم هذا القانون الجدل حول هوية الدولة بشكل رسمي، حيث عرّف إسرائيل بأنها «الوطن القومي للشعب اليهودي»، وخصّ حق تقرير المصير القومي بالشعب اليهودي وحده.

 

شكل هذا القانون ضربة قاضية لجميع الادعاءات بحيادية الدولة، حيث:

1.  أعلن أن فلسطين التاريخية هي «الوطن التاريخي للشعب اليهودي».

2.  جرّد اللغة العربية من مكانتها الرسمية، محولاً إياها إلى «مكانة خاصة».

3.  نصّ على أن تطوير الاستيطان اليهودي يُعدّ «من أسمى القيم الوطنية» التي ستعمل الدولة على تشجيعها.

 

  • بالتالي، يقدم الفصل الأول سياقاً تاريخياً وسياسياً ضرورياً لفهم كيف تحولت إسرائيل من دولة تطمح إلى الاعتراف الدولي ككيان ديمقراطي إلى دولة تعلن صراحة تفوّق هويتها اليهودية على أي مبدأ ديمقراطي أو مدني.

 

 

## الفصل الثاني تآكل اليسار الصهيوني وصعود الشعبوية

 

يبحث الفصل الثاني في إحدى أهم الظواهر السياسية الإسرائيلية المعاصرة: اضمحلال نفوذ ومكانة «اليسار الصهيوني» وتداعيات ذلك على الخارطة السياسية العامة. يتضمن هذا الجزء ترجمة لدراسة تحاول الإجابة عن سؤال محوري: كيف تنازل اليسار عن دوره في الجدل السياسي والأمني، ومهّد الطريق أمام الصعود الكاسح للتيارات اليمينية والشعبوية؟

 


### من يحدد تخوم السياسة في إسرائيل؟

 

يُشخّص كاتبا الدراسة المترجمة آلية ثابتة في الحلبة السياسية الإسرائيلية خلال العقد الأخير: **معسكر اليمين هو من يحدّد تخوم السياسة والأجندة الوطنية، بينما يسير معسكر الوسط-اليسار منقاداً وراءه.**

 

  1. يشير التحليل إلى أن انسحاب اليسار من معركة الأفكار والمحاججات التاريخية والأمنية، تحت ضغط
  2.  الخوف من الوصم بالخيانة أو الضعف، أفرغ الساحة السياسية من أي معارضة حقيقية لسياسات
  3.  التوسع والضم. هذا التراجع خلق فراغاً أيديولوجياً تم ملؤه سريعاً بالخطاب القومي العنصري
  4.  الطاغي.

 

ويتوصل الكتاب إلى خلاصة مقلقة مفادها أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن هذا الاتجاه سيتغير في المستقبل القريب، ما دام أنه لا يوجد معسكر سياسي يمتلك الجرأة على الوقوف في وجه **الانجراف العنصري والقومي** الذي بات سمة مميزة لمجتمع الكيان الإسرائيلي. هذا التآكل يفسّر جزئياً لماذا لم تجد سياسات نتنياهو والحكومات المتطرفة الأخيرة أي مقاومة فاعلة من داخل المشهد السياسي الإسرائيلي.

 

 

## الفصل الثالث من إنكار النكبة إلى التهديد بتكرارها

 

يعتبر الفصل الثالث، وخصوصاً في ضوء الأحداث الأخيرة، الأكثر أهمية والأشد خطورة. يتضمن هذا الجزء ترجمات لمواد تتطرق إلى تعامل إسرائيل مع **النكبة الفلسطينية** عموماً، ومعاملة اليمين المتطرف لها على وجه الخصوص.

 

### الصهيونية بين نكبة 48 وحرب الإبادة في غزة

 

يكشف شلحت أن هناك إشارات قوية تبلورت مؤخراً تشير إلى أن اليمين الإسرائيلي انتقل من مرحلة إنكار النكبة وفظائعها إلى مرحلة **الإقرار بها بغية التلويح علناً بالاستعداد لتكرارها**. لم تعد فكرة "الترانسفير" (الطرد الجماعي) مجرد فكرة هامشية، بل أصبحت مادة لتصريحات علنية ومناقشات حكومية وبرلمانية.

 

  • ويشير المؤلف إلى أن هذا الأمر انعكس في تصريحات عدد من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين في
  •  الفترة القليلة الماضية، وهي تصريحات سبقت حتى قيام إسرائيل بشنّ **حرب الإبادة على قطاع
  •  غزة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023**.

 

إن الربط الذي يقيمه شلحت بين النكبة الكبرى عام 1948 والممارسات الحالية في غزة أمر بالغ الأهمية. فالحرب الأخيرة، بوصفها حملة تدمير ممنهجة وتهجير قسري، وُصفت بأنها تُعيد التذكير بممارسات الصهيونية خلال **نكبة 1948**، مما يؤكد صحة عنوان الكتاب وتحليلاته المتعلقة بـ **«نُذُر النكبة الجديدة»**. فالتهديد ليس نظرياً، بل بات يتحقق على الأرض في صورة مأساوية.

 

 

##  أهمية الكتاب في قراءة الحاضر

 

في الختام، يمثل كتاب أنطوان شلحت «الدولة اليهودية ونُذُر النكبة الجديدة» عملاً مرجعياً لا غنى عنه لكل باحث ومهتم بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي. بفضل اعتماده على المصادر الإسرائيلية الداخلية المترجمة، يقدّم الكتاب رؤية من الداخل تكشف عن الجذور الأيديولوجية والسياسية للتحول الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف.

 فى الختام

يؤكد الكتاب أن إسرائيل، بتحصين هويتها كدولة قومية دينية حصرية عبر **قانون القومية**، وبتهاوي أي قوة سياسية يمكن أن تعارض هذا الاتجاه، تتجه نحو مسار أحادي لا يرى في الفلسطينيين سوى عائقاً يجب إزالته. إن هذه النُذُر، التي بلغت أوجها في حرب الإبادة على غزة، تتطلب وعياً عربياً ودولياً كاملاً بطبيعة التهديد الوجودي الذي يواجه الشعب الفلسطيني اليوم.




author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent